الخميس، 9 فبراير 2012

يا موافي



هامش

تعرف إني لغاية دلوقتي مكتبتش عن 20 نوفمبر..يمكن كنت مستني أدرك الأمور أكتر.. شهرين وأكتر وأنا مش عارف. سافرت أسبوع كل يوم أحاول فيه أكتب ومعرفش. في وسط الامتحانات كنت اسيب ورقتي واكتب على ضهر الأسئلة جملتين تلاته.. مع إن ممنوع الكتابة في الورقة دي.. يبدو إن الحدث ملوش ورقة إجابة.. وحتى ورقة الأسئلة ممنوع فيها الجواب فتزيدها سؤال واتنين في كل بريق للذاكرة. معرفش كانت الناس ليه خايفة. كنت تحس (سقوط العسكر) في نبرة صوتك. "اثبت" هو الجبل اللي تصعده تلاقي ربك.. مفيش مؤمنين يجروا ومن خاف الموت مسلمش "الموت ده أصله خلل.. الأصل فينا الخلود.. وهنيجي يوم نلقاه"*. كانت الشمس طالعة يا صاحبي ومخفف هدومي وأول ما ابتدى اقتحام الشرطة العسكرية افتكرت الدوس ع البني أدمين في 28 يناير.. بدأت اهديهم واعديهم و(عبد الله) يأمن لي التغطية واصور.. أصور شوم معلم في جسمنا كويس. عديت الناس واتحاصرنا و"اركع" تذل الروح والبدن قولت لك إني أنا واخويا كنا أول ناس؟ كان لابس الجاكت بتاعه خدني جواه وانزلنا ع الأرض دراعاته تحمي دماغه والأسف منه إن احنا بنتضرب مكنش باين مني غير دماغي وايديا.. وايديا تجري كانت في كل مكان ولا مكان على ضهره أحاول التقاف الشوم عنه وهو المغطي جسمي بجسمه واتوسل لهم يسيبوه ومش مهم أنا. وبعد الضرب ابتدينا نتسحل ع البوكس.. والبوكس بعيد.. بعيد أوي من أول (محمد محمود) لوزارة الداخلية وكل واحد يقابل جتتك يزيدها كدمه أو جرح.. لا مش ألم بعد فترة مبتحسش بحاجة وكل خرزانة ع النفوخ تفقدك الوعي.. لا لا مش الوعي كنت واعي ومدرك لكني مش هنا مش جوه جسمي مرجعش اخشه تاني إلا مع ضربة تانية كأنه "ريستارت" لجهازك العصبي. قعدت على حجر الوحيد في البوكس واتأسفت له قعدنا تلاته على رجل بعض.. ورمولنا جته م المستشفى الميداني وقفلوا الباب.. اسماعيل اللي خرطوش ملا ضهره مكنش بيتأوه كان عدى المرحلة دي من فترة.. بعد كده هاستريح لما انسى رقم اسماعيل.. مكنتش هاستحمل اعرف اللي جراله بعد ما خرجنا. في القسم كان عبد الله على رجلي سخن وابتدى يهلوس.. كل اللي فهمته الشهادة وعدم احتماله للألم. كنا دعاة وصنايعية وبياعين وطلبة.. إعلام  ومعهد البصريات وعلوم. يمكن لو كنا في ظروف تانية لسألت عن استقلال قسم الاعلام  لكلية وعن انحناء الضوء في العدسات وازاي مراية مقعرة تجمع الضوء الشحيح البعيد. الساعة 3 الفجر هيرحلونا لمحكمة مصر الجديدة (لجنة خاصة معظمها من نيابة الحدايق) وكيل نيابة ظريف بيقول ايه المناظر دي؟ مش دي العيال النضيفة اللي بتطلع في التلفزيون.. عايز تقولي شكلك يبقى عامل ازاي بعد ما اضربك واسحلك اقطع لك هدومك واسيح الدم على وشك. صح احنا مش ولا د ناس.. احنا ولاد ربنا لو كان له ولد.



متن

يا موافي معرفش إن كنت بكلمك ولا بكلم نفسي وإن كنت بكلم نفسي فدلوقتي ولا من تلت شهور ولا تلت سنين ولا يمكن بكلمني بعدين.

يا موافي معرفش إن كان حضن امك هيبقى دافي؟ وهل هتحضنك أصلا؟ تعرف إن البرد جوا البني قادم صعب قوي؟ واسئلك ليه يا صاحبي وانت مجرب.. معلش أصل المشكلة مش واحدة والمصيبة مغنطيس سفنج يشد البلاوي ويطفو بيها من القاع ع السطح.. ما كان الحل إلا الخمول يا صاحبي البرد اللي عنده تتوقف الذرات وندبة في البدن تداريها لاجل ما تصعب ع الناس وتاكلك وقت القلق.

هتخرج يا موافي وتفكر كتير عارف إن مفيش تفكير جوه.. جوه بتبقى انت بره جسمك والمكان والزمان وتبص ببلاهة للمبة وسط دخان السجاير. بخروجك يا صاحبي تبدي القصة: هل الحرارة بره كفاية ترجعك؟ هنكون زي المرايات البارده الناس تشوف فينا دفاها ومنحسهوش. صدقت إن أحسن حاجة شوف العذارى من ورا السلك الحديد؟ صدقت أكيد.

للأسف هيفضل ورانا العار يا صاحبي.. إحنا اتضربنا واتحبسنا بس في ناس ماتت واتعمت.. طب قول لي ايه الحل وموتنا حتى مش مغيرها؟

يا موافي هات نفسك معاك وانت خارج.. متسبهاش جوه. لسه لغاية دلوقتي بدور عني في كل صخرة يغازلها الغيم أو زهرة نابتة كده مين غير زراعة أو حتى يمام واقع ع الأسفلت م التلج. لغاية دلوقتي باظبط نفسي نايم ضامم ركبتي لصدري مبقيناش مفرودين يا صاحبي. يمكن نكون اتولدنا من جديد شجرة طالعة لسه صغيرة عايزة تتشد على قايم -يمكن جسد- لاجل ان تتعدل.

تعرف إني معملتش شير لصورتك ولا مرة. طب قول لي اتعامل مع النظرة اللي في عينك دي ازاي؟ ولا هو الواحد بيعمل شير لنفسه اما يتحبس؟ تعرف (محمد سيد عبد الرحيم).. متعرفوش وإن كان أثر البيادة في جسمـ(نا) يعرفه كويس. يومين وحاطط رقمه قدامي خايف اتصل بيه ترد علي نفسي من جوه قسم عبدين في 20 نوفمبر. ايه اللي نقدر نعمله لبعض؟ ايه اللي ممكن يعمله الملح للمالح؟